هل نحتاج الى منهجية لإدارة المشاريع؟

تتزايد أعداد المشاريع التي لا تُنفذ في وقتها المحدد حيث تتحدث التقارير عن أن هناك نحو 50 في المائة من المشاريع متأخرة، بينما هناك 25 في المائة توقف تنفيذها لأسباب مختلفة. وبغض النظر عن اختلاف أرقام التقارير، فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب عندما أشار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في إعلان الميزانية السابقة بوضوح عن الخلل في تنفيذ المشاريع وتعثرها. وتعثر المشاريع أمر أثبتته التقارير التي تصدر عن الجهات المعنية، ويراه المواطن في صورة مشاريع إما أنها لا تبدأ، أو تبدأ ولا تنتهي، وإن انتهت فإنها تتأخر كثيرا عن أوقاتها المطلوبة فيها. وسنحاول توضيح بعض الأمور المتعلقة بأسباب تعثر المشاريع ونناقشها بغية توجيه النظر إليها لعل في معالجتها دافعا لأن ننجز مشاريعنا في أوقاتها المحددة وفي حدود الميزانيات المحددة لها.


المنهجية هي الطريقة التي يتم تحديدها بعناية واختبارها لضمان صلاحية تطبيقها. ومع أن هناك منهجيات معروفه تم تطبيقها بشكل واسع في أنحاء متعددة من العالم ومن أشهرها منهجية معهد إدارة المشاريع الأمريكي PMI، ومنهجية برنس2 البريطانية PRINCE2، إلا أن ذلك لا يعني التقيد بهذه المنهجيات أو غيرها من المنهجيات المعروفة، وربما يكون في تكوين لجنه تقوم بدراسة الوضع الحالي وتقديم الحل في اقتراح منهجية دقيقة موحدة يتم العمل بها لتنفيذ المشاريع حلا للتأثيرات السلبية التي تنشأ بسبب غياب المنهجية الموحدة التي تركز على استثمار الوقت في إجراءات المشاريع وطرحها وتنفيذها، وتحديد المسؤوليات لجميع الأطراف حتى نتمكن من إنجاز المشاريع التي نريدها في الوقت الذي نرغب، وبالميزانية المقررة لها، وبجودة تتوافق مع شروط العقد، بدلا من أن تقوم كل إدارة أو جهة إدارية على حدة بتحديد الإجراءات والمنهجيات الخاصة بها.



المؤتمر الثالث لإدارة المشاريع الذي نظمته الهيئة السعودية للمهندسين هذا العام نادى بتطبيق منهجيات واضحة في إدارة المشاريع وتأهيل العاملين في مجال المشاريع على تطبيقها، ومع أن الأمر ليس معقداً بالدرجة التي تبرر تأخره، إلا أن تشتت المسؤولية فيما يتعلق بمن عليه واجب إصدار هذه المنهجية والإلزام بتطبيقها من أعلى المستويات الإدارية، ربما هو السبب في تأخرها. فكل جهة تلقي باللوم على الأخرى، وكل جهة إدارية أصبح لديها إدارة مشاريع تشرف على مشاريعها بطريقتها الخاصة في حدود الأنظمة العامة التي لم تنجح فيما يظهر في إنجاز المشاريع بالمستويات المطلوبة من الناحية الزمنية والمالية وحتى فيما يتعلق بجودة التنفيذ. وعلى هذا الأساس، فإن إقرار منهجية واضحة ومدروسة ومعلنة لإدارة المشاريع يحتاج فقط إلى قرار فاعل يعتمد إصدار المنهجية المناسبة واعتمادها ليتم تطبيقها على المشاريع العامة، مع دعم تأهيل العاملين على المشاريع بما يضمن التطبيق الفعلي والدقيق لهذه المنهجية. وتعتبر وزارة المالية الجهة المؤهلة في الوقت الحاضر لإصدار هذه المنهجية والإلزام بتنفيذها، وذلك باعتبارها الجهة التي تناقش إقرار المشاريع مع الجهات المختلفة وتوافق على ميزانياتها وترتبط على مبالغها. وقد سبق لها أن أصدرت عقد الأشغال العامة وتعيد النظر في هذا العقد بناء على قرار مجلس الوزراء الذي وجه بهذا الإجراء. وأصدرت بناء على ذلك مسودة أو مشروع نموذج عقد الإنشاءات العامة، الذي لم يصدر بشكل نهائي حتى الآن. وربما تستعين الوزارة بالإدارات المميزة في إنجاز مشاريعها أو الجهات المهتمة بهذا الشأن، وربما أشير هنا إلى الإدارة العامة للأشغال العسكرية وشعبة إدارة المشاريع في الهيئة السعودية للمهندسين ومعهد الإدارة العامة.

د. فيصل بن الفديع الشريف